دليل غير بريء للتصرفات البشرية

في مقال سابق عن أصل الوجود البشري بين: الروح، النفس والجسد ذكرت أننا كـ كائنات بشرية يتمحور وجودنا حول ثلاث مراكز اساسية تبنى عليها افعالنا وأفكارنا وكل ما ينتج عن شخصياتنا وسلوكياتنا كأفراد… 

النفس البشرية

في الواقع إننا كبشر في طبيعتنا الغريزية كائنات نميل للرذيلة بشكل حتمي لا يمكن الجدال فيه بأي شكل من الأشكال، لا نميل للفضيلة على عكس تصوراتنا وافتراضاتنا.

أجل الواقع ينافي المنطق! المفهوم الحقيقي للواقع متناقض مع المنطق السليم…

كما نميل في غالب تصرفاتنا إلى الكسل والهروب من العاقبة الأخلاقية، ونتجنب اتخاذ القرارات، مما يفسح المجال لتصرفاتنا أن تعتمد على الغرائز الأساسية في النفس البشرية وإن أكثر ما يبرر هذه التصرفات لدينا هو إحساس الاندماج بالمجتمعات الكبرى اليوم…

الغريزة هي أصل السلوك البشري الذي يمثل النزعة الفطرية والآلية الفسيولوجية التي تدير ردود الأفعال والتصرفات اللاواعية للمخلوقات جميعاً 

تتكون هذه الصفات في البشر بشكل متناقض ومتعدد وتكون متعارضة ومتغيرة بشكل دائم 

أما لدى الحيوانات تكون سطحية بسيطة وحتى النباتات والميكروبات لها أيضاً غرائز وسلوكيات واضحة… 

 وينبغي لنا عدم الخلط بين غياب القدرة الارادية وعدم القدرة على تعديل أنماط السلوك الثابتة لدى الآنسان، لأن أي تصرف نقدم عليه دون وجود خبرة سابقة سيعزى إلى الغريزة…. وللغرائز أنماط سلوكية معقدة في الظاهر لكن بسيطة في الأصل وهي عديدة: 

الحب، التملك، الجنس، الراحة، البقاء، الخوف، المنافسة، اللهو ، اللعب ، التفاعل الاجتماعي، الشعور بالأهمية، الهروب  من الموت، الغضب، الذل، الفضول، العاطفة، الجنس، الغيرة، المنافسة، التعاطف، التواضع، اللعب، التقليد، البناء،  والسر….

نقسمها إلى أربع أصول أساسية: 

Dabbas Articles uninnocent behaviours

المتعة:

اللذة والشعور بالمتعة توجد في الإحساس بالشبع، الحب، الجنس، اللهو واللعب ،الراحة والكسل وحتى الألم لبعض الحالات.

يضيف الاغلبية  المال لهذه الصفة لكن لا المال أو النقود هو اختراع بشري وحب النقود ما هو الا وسيلة للوصول الى احدى الغرائز السابقة ولأن الانسان كائن كسول لوام “أي يحب إلقاء اللوم على الغير ويتجنب لتأنيب الضمير” يعزي الوصول الى هذه الصفات بالمال…

الإنتماء: 

يصف الكاتب روبرت غرين مؤلف كتاب قوانين الطبيعة البشرية :نحن حيوانات اجتماعية حتى النخاع!!

نحن نميل للانتماء لـ أفراد العائلة أولاً للأصدقاء، للمجتمع بجميع أشكاله من مجموعات إلى قبائل إلى طوائف ثم لدول وأديان… شعور الانتماء حاجة نفسية عميقة وغريزة أساسية وجدت في النفس البشرية تدفعها إلى البقاء بشكل أو بأخر بجميع صورها….   

الخوف:

الخوف والأمان: ردود فعل أصيلة وأزلية في النفس البشرية الخوف من الموت أقواها والسعي الحثيث للبقاء هذا القلق المريض الذي نتشاركه نحن البشر جميعا، إن أكثر ما يثير دهشتنا نحن بني البشر هي محاولاتنا في التفوق على الموت، تذكر كم أتسعت عيناك وأدهشت عندما شاهدت حركات جرئية وخطيرة لرياضي ما أو عندما شاهدت للمرة الأولى القفز الحر بالمظلات او سناجب الهواء كما يسمى Parachuting or skydiving  انها ليست فقط مجرد رغبة أذلية في الطيران ومعانقة السماء انها شعور الأمان الذي اعتقدنا انه موجود في السماء لطالما واجهة البشري الأول خطر البقاء على الارض عن طريق التعرض الى شتى انواع التهديدات منها الحيوانات المفترسة و الكوارث الارضية و خطورة التضاريس على اليابسة وهنالك اعتقاد قديم ان الطيران هو المهرب الاسرع من هذه التهديدات كما يترجم الخوف في تصرفاتنا بثلاث طرق وهي الهرب والمواجهة والجمود

الاهتمام:

الشعور بالأهمية: قم بتجريد معظم الافعال البشرية إلى أصولها تستيقن ان جذب الانتباه محفز رئيسي في أغلب الافعال البشرية كل البشر أطفالهم وكبارهم نسائهم ورجالهم… ضعيفهم وقويهم … جميعاً بشتى اختلافاتهم وألوانهم تقودهم رغبة أزلية … رغبة موحدة ظاهرة واضحة وإن إختلفت أساليب طلبهم لها وإن أختلفت طرق سعيهم الحثيث إليها… يسمي البعض هذه الرغبة في حب التفوق لهذه الصفة عدة عوامل هامة في حياة الفرد البشري فمنذ الطفولة  تراه يسعى ليكون متفوقاً على قدراته البدائية ليكون مشابهاً للأفراد الأكبر سناً المحيطين به.

حتى أكثر البشر المبدعين في الأعمال الأدبية والفنية وحتى العلمية كم منهم وصل إلى أقصى ما وصل إليه من عمل وإبداع فقط ليجد من يؤمن به أو ليتفوق على أقرانه في مجاله…

ونجد أن أكثر الأعمال البشرية أبداعاً من ناحية الأدب والفن خرجت لنا من ذوي هذه الصفة بالتحديد إذا نظرنا إلى حياة المبدعين ممن عاشوا وحيدين أو “منعزلين عن المجتمع” إن صح التعبير أنظر في حياتهم نجد أن معظمهم عمل ليجد من يؤمن به أو من يهتم به على الأقل

أنت لا تريد الحب حقاً، بل تريد من يفهمك فقط ~  غسان كنفاني

لم نخلق كبشر للتواصل اليومي مع هذا الكم من البشر في مكان واحد، أو وقتٍ واحد، اليوم يستطيع الفرد البشري أن يتواصل مع عدد هائل من البشر بشكل يومي كما لم يفعل أي أحد من أسلافنا القدامى، كانت المجتمعات منغلقة على أنفسها بشكل مبسط أكثر دائرة المعارف لم تتوسع بشكل هائل كما اليوم…

وهذا بفعل أدوات التواصل مما خلف لدينا مستنسخات بشرية غير أخلاقية لديها العديد من المشاكل في جوهر شخصياتها…

بين الجموع تتلاشى العاقبة الأخلاقية

من المؤكد أن أدوات التواصل اليوم جعلت العالم في متناول اليد مما عزز لدينا بشكل أو بأخر إحساس الاندماج في المجتمعات الكبرى، ومما أكد لي إلى أن العاقبة الأخلاقية تتلاشى بين هذه المجتمعات لأسباب عديدة منها:

الميل إلى التخلص من تأنيب الضمير، إلقاء اللوم على الأخرين، والكسل في تأدية الأفعال الفاضلة التي غالبًا ما تكون محفوفة بالملل وربما توصف اليوم بالضعف أو الرجعية في هذه المجتمعات الفاسدة أو بتعبير أدق، مجتمعاتنا الحالية لم تعد ملتزمة بمعايير أخلاقية نبيلة، كما كانت سابقًا أصبحت يسودها الحقد، الحسد، والغضب والكره والسعي المستميت للوصول إلى كل المنتجات الدعائية التي أشبع بها اللاوعي لدى الأفراد اليوم مما حول أغلب المجتمعات من منتجة إلى مستهلكة… 

وأخيرًا الأفعال الغبية للوصول إلى الشهرة في عصرنا الحالي التي لا تحصل أغلبها إلا بأفعال تنافي المعايير الأخلاقية والآداب الفاضلة التي كانت تتلزم بها أغلب المجمعات في العصور السابقة… 

“المرء نتاج خبراته”

لا أدري أين قرأت هذه المقولة لكنني أؤمن أن المرء ليس نتاج خبراته فحسب بل هو عبدٌ حقيقيٌ لخبراته وتجاربه السابقة

فما تصرفات النفس البشرية إلا عبارة عن مجموعة عادات تحركها هذه الغرائز ساءت ام حسُنت

هذه العادات تقود ردود أفعالنا وتصرفاتنا في الحياة اليومية وفي الأصل الغريزة البشرية هي ما يحرك هذه الأفعال والتصرفات وهي منفصلة تماماً عن أشكال البشر و أجناسهم.

مثال: الثراء، الشهرة والعداوة… هذه صفات “تضخمية” تزيد في الكائن البشري شحه ان كان شحيح وعطائه ان كان كريم وحبه انا كان بريء ورقيق وحقده إن كان لئيم…

مثال آخر يطرق كثيراً في التمييز بين أنواع الشخصيات 

إن حدث حادث ما لشخص مرح ذو شخصية فكاهية محبوبة وهذا الحادث أدى لشل حركة وتحويله إلى شخص مقعد، سيصاب هذا الشخص بالحزن والاكتئاب والانطفاء لفترة معينة من الزمن إلى أن يعتاد وضعه الجديد ثم ستعود شخصيته الأساسية عليه من جديد تلخص ب : سيكون لدينا شخص مرح على كرسي متحرك… 

وأيضاً بالعكس إن حدثت حالة ما لشخص كئيب متقاعس متشائم وحولت هذه الحالة هذا الشخص إلى ثري يمتلك أي شيء يرديه ستحول على ماذا سنحصل؟ بعد انقضاء فترة الإعتياد أيضاً… سيكون لدينا شخصاً ثرياً متشائماً متقاعساً…

أصل الغريزة البشرية الرذيلة لا الفضيلة…

في الحقيقة تجريد الافعال الغريزية لدى البشر لمعرفة دوافعهم سهل جداً فقط علينا أن نترجم الافعال البشرية إلى أصول غرائزها حينها سندرك أن أغلب التصرفات البشرية سندرك أهدافها والغايات المحركة من ورائها…

ولنعلم أن أغلب هذه الغرائز والصفات هي صفات تضخمية مكتسبة نمت لدينا في مراحل الطفولة الأولى في اللاوعي لدى كل طفل  فينا بنائاً على البيئة والعائلة والثقافة التي نشئنا فيها.

Back

Your cart

0

No products in the cart.

Total
£0.00
Checkout
Empty

This is a unique website which require a more modern browser to work!