مشاكل العالم الحديث “الإمبراطورية القادمة”

تخيل معي: حفنة من الأغبياء تقود مركبات فارهة على طريقٍ سريع يشاركون يومياتهم على مواقع التواصل.
يمكن أن تكون هذه الجملة تعريفاً عريضاً للغباء المقزز.

صديقي اختصرت لك أزمة حقبتنا الحالية والقادمة ببضع عنواين رئيسية: 

  • ندرة الأخلاق
  • الغباء
  • وسائل النقل
  • المؤثرين (نعم مؤثرين التواصل)
  • التأقيت 
  • استغلالية الإنترنت 
  • الخصوصية

بالإضافة إلى العديد من المشاكل الأخرى التي لا تتبع لموضوع مقالي هذا مثل: شكل الحكم والسلطة التي تقودنا، العنصرية، فشل نظام التعليم السائد، الحروب والاستهلاك…

لكنني اختصصت هذه الأمور لتفاقمها:

  • ندرة الأخلاق

نحن في عصر ملء بالشهوات، الأنانية، الملهيات، وكأن الغباء أصبح سمه مشتركه لكل شيء، كل شيء صٌنع لينتهي، كل شيء مؤقت، زائل، سطحي، زائف، نتعامل يومياً مع الأشباه فقط، أشباه العائلات، أشباه الأصدقاء، أشباه الاحبة، أشباه الحقائق، لا يوجد أي شيء حقيقي وبالتالي لا شيء أخلاقي… 

نحن في عصر اصبح فيه الشرف و الأخلاق من النوادر، هنا شعب يقتل بسبب فقره و مرضه وهناك يؤمر باعتقاله جميعاً لعدم رضوخه وتذللّه لطاغية ما … و اخر ينعق و ينهق بإسم المعتدي الغاصب و الكل إلى زوال … فإن كنت من اصحاب تلك النوادر فاحتفظ بها بما أوتيت من قدرة ولا تدع لأي شيء أن ينزعك إياها فهي الشيء الوحيد المتبقي من إنسانيتك

  • صناعة الغباء

الغباء سمه ظاهرة لكل شيء حالي. وعن صناعته، صديقي حتماً سمعت بهذا المصطلح ومراميه وإبعاده لن أعيد كثيراً بها، لكنني أجزم حتماً أن كبرى الشركات التقنية والوكالات الإخبارية، الإعلانية، قنوات التلفاز، البرامج التافهة، مواقع التواصل لها هدف أساسي مشترك وهو استغبائك و استجرارك للغباء فإما أن تعتاده أو تصنعه….

  • وسائل النقل

وسائل النقل، الازدحام وما يشكله من أزمات على كافة الأصعدة بجميع وما فيها من ضرر وأذى للبيئة (البيئة الشيء النقي الوحيد الذي سيستمر من بعدنا)، وبالأخص وقودها… الحروب والجرائم والأسى الذي تسببناه فقط لجمع هذا الوقود ولإستهلاكه دون جدوى… 

  • التواصل الاجتماعي

أولاً المؤثرين: أجل “مؤثري” مواقع التواصل الاجتماعي، عليك أن تتحمس بعد مشاهدة أي فيديو سريع يحتوي على بضع معلومات غير مؤكدة منقولة بسرعة وبسخرية حتى يبلغ الحماس منك مبلغه ثم أخرج هاتفك وقم بتصوير ما سمعت!! بدون أن تقرأ أي كتاب، بدون أن تتبع أي عالم أو منهج، بدون أن تحلل وتذاكر وتتدرب فقط عليك النقل والتصوير لتصبح مؤثراً يال السخافة… 

كم بريئاً أو ساذجاً ينخدع بهذا التأثير الفارغ وكم طفلاً يتوه عن المبتغى الحقيقي إنهم يستهلكون أرواحهم وشغفهم بتوافه الأمور والأشياء في ظل هذا الشتات المزخرف هنا وهناك…. 

أرى هذا الشكل من النقل إهانة لتاريخنا العلمي ولسلفنا من العلماء، كم قضى أحدهم من العمر باحثاً دارساً محللاً ليبلغ من العلم والتأثير ما بلغه في زمانه بدون أن يقف وراء آلة تصويره السوداء؟؟ كم تعلم وعانى وسهر وبحث حتى توصل إلى ما توصل إليه من علم دون مواقع التوصل الاجتماعي!!

التواصل الاجتماعي!!! هل حقاً ينطبق عليه هذا المسمى؟ هل يستحقه، أنعامله حقاً على أنه تواصل اجتماعي. أم زيفٌ اجتماعي، خداع وإعلان وكذب اجتماعي. 

ايبدو لك هذا متعجرفاً قليلاً، أو حتى تخيلياً “ديستوبيا” مبالغاً فيه، وقبل أن تتهمني بأني من دعاة نظرية المؤامرة دعني أبسط لك الأمر أكثر، ابينه لك بالشكل الذي لربما لاحظته في حياتك اليومية…

  • الاستهلاكية المؤقتة

حيث كل شيء زائف مُستهلك، صُمم في أمريكا وصنع في الصين، لتستهلكة أنت في أي مكان صنع مؤقتاً خصيصاً لك وحدة فقط ليومك للحظتك فقط 
عالم حديث بلا حدود يخدم شهواتك… 

يال سذاجتك حين فرحت بامتلاكك أول مرة لهاتف ذكي، الذي صنع في أرقى شركة عرفتها حضارتك المؤقتة وعندما ارتديت ذاك السروال متباهياً بعلامته التجارية مروجاً لها بسذاجة بلهاء

  • استغلالية الإنترنت

فقاعة العولمة وكذبه العالم الواحد والقرية الواحدة هيمنت على كل ما نراه… جعلت كل شيءٍ سطحياً هشاً فجرفت معها كل الساذجين 

  • الخصوصية: لم يعد لها وجود

لم ندرك إلى الآن خطورة الهيمنة على البرمجيات فكل شيء تقني اليوم مرتبط بشكل أو بأخر بسيرفر 

يدون البيانات ثم يرسلها لك لتقرأها مستمتعاً بسرعة العصر الذي تنعم به بين أصابعك

حقيقة أن كل جهاز أو حاسوب هاتف أو ثلاجة أو سيارة سواءً كانت لشرطة أو غيرها تدار عبر منصات تتبع لأجهزة فيدرالية أمريكية أو لغيرها من الدول أو لأي سلطة كانت، حقيقة فظة لا تنسى ولا يغض البصر عنها… 

تخيل شعور أن لديك جاراً غليظاً فظاً يراقبك يتنصت عليك دائماُ يصورك بلا كلل، يحلل كلماتك ويدرسها ليستخدمها لاحقاُ ضدك بالإعلان أو بالحرب…

في عصر الحداثة هذا أضحت الحضارة سهلة المنال فقط اشتر من تلك الفئة والبس من ذاك المتجر واشرب عند هذا المقهى ولا تنسى أن تشتري ذاك الهاتف فقط لا غير… هنياً لك لقد حزت على حضارة القرن بلمسه بين يديك.

وإذا أردت أن تغوص أكثر في شرَكِ هذه الحضارة وظلمتها فقط ضع كل ما تسطيع وضعه من إثباتات وبراهين على حائط يومياتك لتثبت أنك المستخدم الأمثل مع كل صورة وعليك أن تسجل ما يلخص عالمك المثالي الذي أنجزته باستهلاكاتك المؤقتة التي لن تجلب لك ولحضارتك إلا الزوال، لا عليك فقط ابتعد عن كل شيء حقيقي ذا منطق، أو فائدة أو قيمة مرجوة…. 

Back

Your cart

0

No products in the cart.

Total
£0.00
Checkout
Empty

This is a unique website which require a more modern browser to work!